<H1 style="TEXT-ALIGN: right; MARGIN: auto 0in; unicode-bidi: embed; DIRECTION: rtl; tab-stops: 179.8pt" dir=rtl align=left>إدارة
مدرسة
بحث عن
الدولة الطولونية
إعداد الطالب
الدولة الطولونية
قامت الدولة الطولونية المستقلة عن الخلافة العباسية في مصر والشام والحجاز، وهي أول دولة تستقل بالحكم عن حكومة الخلافة المركزية. وتنسب هذه إلى الدولة إلى مؤسسها أحمد بن طولون الذي كان جنديًّا تركيًّا، جاء إلى مصر نائبًا للحاكم العباسي فيها، لكنه استأثر بالحكم، ثم بسط سلطانه على الشام، حين كان العباسيون مشغولين بمقاومة ثورة الزنج.
أظهر أحمد بن طولون براعة وحسن إدارة في حكمه، ومن ثَمَّ استطاع النهوض بمصر؛ إذ أخذ في بناء مؤسسات الدولة ومرافقها الأساسية، وكوَّن جيشًا وأسطولاً قويًّا للدفاع عن ملكه، وتغلب على الصعاب التي واجهته حيث كانت الفتن والثورات مشتعلة في عهده بمصر من قِبل الخوارج والعلويين وغيرهم.
بعد وفاة أحمد بن طولون خَلَفه ابنه خمارويه، الذي استطاع أن يستعيد سيطرة الطولونيين على البلاد الشامية حتى الموصل والجزيرة الفراتية، وذلك بعد قيام الخليفة العباسي بالإغارة على الشام للقضاء على الدولة الطولونية. واستطاع أيضًا أن ينتزع من الخلافة العباسية اعترافًا له بحكم مصر -هو وأولاده- لمدة ثلاثين سنة عند عقد معاهدة صلح سنة 273هـ/ 886م.
فكَّر خمارويه في تدعيم عَلاقاته مع الخلافة العباسية عن طريق المصاهرة، فعرض على الخليفة المعتضد زواج قطر الندى ابنته من ابن الخليفة العباسي، غير أن الخليفة المعتضد -وكان قد سمع عن محاسن وجمال قطر الندى- طلبها لنفسه بدلاً من ابنه. وقد بالغ خمارويه في جهاز ابنته، وتكلف في ذلك ما يقصر دونه الوصف، وكان جهازها الذي أعدَّه أبوها أسطوريًّا بالغًا في الإسراف إلى حدٍّ يفوق الخيال.
ولم يُحسِن خمارويه الاستفادة من الأموال الجمَّة التي تركها له أبوه، فأخذ يسرف في البناء وأنواع الترف. وكان هذا الإسراف من قِبَل خمارويه سببًا في إفلاس مالية البلاد، وكانت مصر من أغنى الدول وأكثرها ثراءً.
وبعد قتل خمارويه على يد بعض جواريه، لم تستطع مصر الاحتفاظ باستقلالها الذي تعب أحمد بن طولون في تحقيق وجوده؛ إذ أصبحت مصر ميدانًا للضعف والفوضى من ناحية، ومسرحًا لأحداث دامية أطاحت بوحدة الطولونيين، وعجَّلت بزوال نفوذهم، حيث استطاع الخليفة العباسي أن يعيد مصر والشام إلى نفوذ الدولة العباسية مرة أخرى.
وأخيرًا فإن هذه الدولة التي ظلت مدة ثمانية وثلاثين عامًا عندما سقطت، شعر المصريون بالحزن والحسرة؛ وذلك لأن الطولونيين قد كرَّسوا معظم جهودهم للنهوض بمصر، وارتبطوا بها، وتقربوا إلى المصريين، وأحاطوهم برعايتهم، حتى إن أحد المؤرخين يذكر أن تلك الدولة كانت من "غُرَر الدول، وأيامهم من محاسن الأيام".
شهدت الفترة الأولى من العصر العباسي الثاني -أو ما يُسمَّى بعصر نفوذ الأتراك- ظهور الدول المستقلة، بعد أن ضعفت قبضة الخلافة، وتولى أمرها مَن لم يكن في قدرة الخلفاء العباسيين الأوائل كفاءةً وحزمًا؛ فانفلت الأمر من أيديهم إلى قوادهم الأتراك الذين كانت الدولة تستعين بهم في تسيير أمورها وقيادة جيوشها، وظهر منهم شخصيات كبيرة استأثرت بالأمر دون الخليفة الشرعي، وتدخلت في تعيين الخلفاء وعزلهم. ولذلك لم يكن غريبًا أن يستأثر بعض الولاة بما تحت أيديهم، ويُنشِئوا دولاً مستقلة -وإن كانت ترتبط بالخلافة- ويحكموا من خلالها، لكن النفوذ الفعلي في الولاية كان لحكامها لا للخليفة العباسي الموجود في بغداد، ومن أبرز الدول التي ظهرت في هذا العصر الدولة الطولونية التي قامت في مصر والشام والحجاز[1].
قامت الدولة الطولونية وهي إحدى الدول المستقلة عن الدولة العباسية، وامتدت فترة حكمها في الفترة من (254- 292هـ/ 868- 905م). وتمثِّل الدولة الطولونية أول تجربة حكم محلي تحكم فيه أسرة أو دولة حكمًا مستقلاًّ عن حكومة الخلافة المركزية، وقد كان مؤسِّس هذه الأسرة أحمد بن طولون[2] جنديًّا تركيًّا، وكان والده أحد الموالي الذين أهداهم ملك بُخارَى للخليفة العباسي المأمون، وقد جاء إلى مصر نائبًا للحاكم العباسي فيها، لكنه استأثر بالحكم، ثم بسط سلطانه على الشام، وكان العباسيون مشغولين بمقاومة ثورة الزنج. وحكم بعد أحمد بن طولون ابنه خمارويه الذي عقد معه الخليفة العباسي المعتضد اتفاقًا يقضي بمنحه هو وورثته الحكم في مصر والشام لمدة ثلاثين عامًا على أن يؤدِّي للخليفة مبلغًا سنويًّا مقداره ثلاثمائة ألف دينار[3].
وبعد خمارويه بدأت الدولة الطولونية بالأفول، وأعاد الخليفة العباسي بسط نفوذ الدولة المركزية؛ إذ كانت الهيمنة في الدولة الطولونية للأتراك واليونان والنوبيين. وقد حكمها بعد خمارويه كل من جيش وهارون وشيبان حتى احتل جيش العباسيين مصر والشام بقيادة محمد بن سليمان[4]. وفي سنة 292هـ/ 905م دخلت الجيوش العباسية القطائع تحت قيادة محمد بن سليمان، الذي قبض على الطولونيين وحبسهم، وأخذ أموالهم وأرسلهم إلى الخليفة، وأزال بقايا الدولة الطولونية التي حكمت مصر والشام مدة ثمانية وثلاثين عامًا
تأسيس الدولة الطولونية
لم يكن أحد يتوقع أن يكون ذلك المملوك التركي مؤسِّسًا لدولة تحكم ذاتيًّا بعيدًا عن الخلافة العباسية.
لقد حفر التاريخ اسم أحمد بن طولون كمؤسِّس للدولة الطولونية، وهو من المماليك الأتراك، ولد عام 214هـ/ 829م، وقد نشأ نشأة دينية؛ فكان يعيب على الأتراك ما كانوا يرتكبونه من المنكرات، وقضى حياته السياسية والعسكرية الأولى في ثغر طرسوس، وتمتع منذ البداية باحترام الأتراك في حاضرة الخلافة، وبعد وفاة والده عام (230هـ/ 845م) فوَّض إليه الخليفة المتوكل ما كان بيد أبيه، كما حظي بثقة الخليفة المستعين.
بعد وفاة والده تزوجت والدته بالأمير بايكباك التركي الذي عينه الخليفة المعتز واليًا على مصر في عام (254هـ/ 868م)؛ فأرسل أحمد ليتولى حكمها بالنيابة عنه، ولم يكن له كل الولاية وإنما كان على الصلاة، وله الحاضرة المصرية (الفسطاط).
ساعدت الظروف أحمد بن طولون في تثبيت أقدامه في مصر، فقد حدث أن قُتِل بايكباك في عام (256هـ/ 870م)، فأُسنِدت ولاية مصر إلى يارجوخ الذي كانت تربطه بابن طولون عَلاقات طيبة ومصاهرة، فأقرَّه على ما بيده، وزاد في سلطته بأن استخلفه على مصر كلها، باستثناء الخراج الذي ظلَّ بيد منافسه أحمد بن المدبر الذي اشتُهِر بسوء السيرة؛ مما دفع ابن طولون إلى أن طلب من الخليفة المهتدي أن يُقِيل ابن المدبر من خراج مصر ويولِّيه إياه، فاستجاب الخليفة لطلبه، كما ولاّه إمرة الثغور الشامية على إثر اضطراب أوضاعها.
ولما تُوفِّي يارجوخ في عام (259هـ/ 873م) أضحى ابن طولون حاكم مصر الشرعي من قبل الخلافة مباشرة، فتولَّى مقاليد الأمور كلها، ودانت له الإسكندرية وبرقة، وقدَّم له أمراء الكور الخضوع والطاعة[7].
الثورات في عهد أحمد بن طولون
أولاً: ثورات العلويين:
1- ثورة بغا الأصغر:
كان أول هذه الثورات ثورة بغا الأصغر وهو أحمد بن محمد بن عبد الله طباطبا، الذي ترك العراق ونزل مع أتباعه في موضع بين الإسكندرية وبرقة يقال له: الكنائس، وذلك في جمادى الأولى سنة 255هـ/ 869م، ثم اتجه بمجموعته إلى الصعيد، فأرسل إليه أحمد بن طولون جيشًا بقيادة بهم بن الحسين، هزمهم وأتى برأسه إلى الفسطاط[8].
2- ثورة ابن الصوفي العلوي:
واسمه إبراهيم بن محمد بن يحيى من سلالة علي بن أبي طالب ، وقد ثار سنة 253هـ/ 867م في مصر العليا، واستطاع الاستيلاء على إسنا في ذي الحجة سنة 255هـ/ أكتوبر 868م، فنهبها وقتل جمعًا من أهلها. ولما استفحل خطره، سيَّر إليه ابن طولون جيشًا بقيادة أزداد فتغلب عليه ابن الصوفي، ومثَّل بقائده أشنع تمثيل؛ فبادر ابن طولون بإرسال جيشًا آخر بقيادة بهم بن الحسين، فاستطاع التغلب على ابن الصوفي الذي فرَّ إلى الصحراء الغربية وظل بها ما يقرب من أربع سنوات، ثم عاد في سنة 258هـ/ 871م إلى الأشمونين ليصطدم مع ثائر آخر في أسوان هو عبد الرحمن العمري ويُهزَم، ثم يغادر بعد خلاف بينه وبين أنصاره ويدخل بلاد البجة إلى أن يصل إلى ميناء عيذاب على البحر الأحمر ومنه إلى مكة[9].
3- ثورة العمري:
قلق ابن طولون من نشاط العمري[10]، فأرسل إليه جيشًا إلا أن هذا الجيش هُزِم، ثم آثر ابن طولون السلامة معه، بعد أن كتب له العمري أنه في مائة ألف أو يزيدون. ومن محاسن أقدار ابن طولون أن العمري لم يبقَ طويلاً؛ إذ قتله غلامان من قبيلة مُضَر، وحُمِلَ رأسُه إلى ابن طولون[11].
ثانيًا: ثورة أهل مدينة برقة:
قام أهل مدينة برقة سنة 262هـ بثورةٍ، وطردوا عامل ابن طولون عليها، فسيَّر إليهم ابن طولون جيشًا بقيادة لؤلؤ الذي اتَّبع معهم سياسة اللين في البداية غير أنهم لم يخضعوا له، فاضطر لؤلؤ إلى استخدام العنف معهم، وحاصرهم، وشدَّد عليهم حتى اضطُرُّوا إلى طلب الأمان، وفتحوا أبواب مدينتهم له، فدخلها وقبض على زعماء الثورة، وعيَّن عليهم واحدًا من مواليه، ثم عاد إلى مصر[12].
ثالثًا: ثورة العباس بن أحمد بن طولون:
خرج أحمد بن طولون إلى بلاد الشام في شعبان 264هـ، واستخلف ابنه العباس على مصر، وضم إليه أحمد بن محمد الواسطي مدبرًا ووزيرًا له، لكن بطانة السوء أشارت على العباس إعلان العصيان على أبيه، والقبض على الواسطي الذي أرسل لابن طولون يُعلِمُه بما يحدث، ثم اتجه إلى برقة، ولما عاد ابن طولون إلى مصر استطاع أن يقبض على ابنه، وأن يضعه في السجن حتى مات في عهد أخيه خمارويه بن أحمد بن طولون[13].
ابن طولون والخليفة المعتمد
وعلى الرغم من أن المعتمد على الله كان يتولى منصب الخلافة فإنه لم يكن له من الأمر شيء، وكانت مقاليد الأمور في يد أخيه الموفق ولي عهده، وبلغ من تضييق الموفق على أخيه المعتمد وإبعاده عن مباشرة أمور الدولة أن احتاج الخليفة يومًا إلى ثلاثمائة دينار فلم يجدها، فقال:
أليس من العجائب أن مثلـي *** يـرى ما قلَّ ممتنعًا عليـه
وتؤخذ باسمه الدنيـا جميـعًا *** وما من ذاك شيء في يديه
إليه تُجمَع الأمـوالُ طُـرًّا *** ويُمنع بعض ما يُجبى إليـه
وكان الموفق قد استقلَّ الأموال التي أرسلها إليه أحمد بن طولون لمساعدته في مواجهة ثورة الزنج التي هددت الدولة العباسية خمسة عشر عامًا (255- 270هـ)؛ مما جعل العداء يشتد بينهما[14].
وحاول ابن طولون بعد أن امتد سلطانه، واتسع نفوذه أن يغري الخليفة المعتمد بالقدوم عليه في مصر، وأن يجعل من مصر مقرًّا لدولة الخلافة؛ فكتب إليه بهذا الشأن في سنة (268هـ/ 882م)، ووعده بالنصرة والحماية، لكن الخليفة لم يُجبه إلى عرضه إلا بعد ذلك بعام، فأرسل إليه يخبره بأنه خارج إليه، وكان ابن طولون في دمشق يستعد لقمع فتنة شبَّتْ في طرسوس، غير أن محاولة الخليفة اللحاق بأحمد بن طولون فشلت، وتمكَّن الموفق من ردِّ الخليفة إلى سامراء عاصمة الخلافة، وإثنائه عن محاولته.
وترتب على هذا أن قام الموفق بعزل ابن طولون عن مصر، لكن القرار لم يلقَ قَبولاً من ابن طولون الحاكم القوي وصاحب النفوذ والسلطان، ولم يكتفِ بعدم التنفيذ، بل عقد اجتماعًا في دمشق جمع فيه القضاة والفقهاء والأشراف من أنحاء ولايته، وأعلن خلع الموفق من ولاية العهد؛ لِتحكُّمه في الخليفة الشرعي واستبداده بالأمر دونه، وكتب بذلك إلى عماله في أنحاء مصر والشام، غير أن صوت العقل تدخّل بين الطرفين، وعُقد بينهما صلح، وأُقر ابن طولون على ما تحت يديه من البلاد[15].
أعلام الدولة الطولونية
1- في العلوم الدينية:
نبغ في عهد الدولة الطولونية عددٌ كبير من الفقهاء والمحدثين، نذكر منهم من علماء المالكية محمد بن عبد الله بن الحكم المصري المُتوفَّى سنة 268هـ/ 881م، الذي تولَّى الإفتاء بمصر، وكان فقيه مصر على مذهب مالك، وإليه تُشَدُّ الرِّحال من المغرب والأندلس، وله مصنَّفات كثيرة[41].
ومن المالكية أيضًا محمد بن أصبغ بن الفرج المتوفَّى سنة 275هـ/ 888م، وروح بن الفرج أبو الزنباع الزبيري المتوفَّى سنة 282هـ/ 895م[42]، وأحمد بن محمد بن خالد الإسكندراني المتوفَّى سنة 309هـ/ 921م[43].
أما الشافعية فقد نبغ منهم الربيع بن سليمان المرادي، صاحب الشافعي، وهو الذي روى أكثر كتبه، وقال الشافعي عنه: "الربيع راويتي"[44]. وقال أيضًا: "ما خدمني أحدٌ ما خدمني الربيع"[45]. وتُوُفِّي سنة 270هـ/ 883م[46].
ومن فقهاء الشافعية قحزم بن عبد الله الأسواني المتوفَّى سنة 271هـ/ 884م، وهو من أصل قبطي، وكان من جملة أصحاب الشافعي الآخذين عنه، وكان مقيمًا بأسوان[47]. ومن الشافعية أيضًا أبو القاسم بشر بن منصور البغدادي المتوفَّى سنة 302هـ/ 914م، الذي جاء إلى مصر وتفقَّه على المذهب الشافعي[48].
أمّا الفقهاء الحنفية، فمن أشهرهم القاضي بكار بن قتيبة الثقفي المتوفَّى سنة 270هـ/ 883م، وله أخبار في العدل والعفة والنزاهة والورع[49]. ومنهم أيضًا أحمد بن أبي عمران المتوفى سنة 285هـ/ 898م، وكان من أكابر الحنفية وهو شيخ الطحاوي[50].
2- في الطب:
اشتُهِرَت مصر في العصر الطولوني بالطب، فظهر منهم سعيد بن ترفيل، وهو مسيحي كان في خدمة أحمد بن طولون، وسعيد بن البطريق المتوفَّى سنة 328هـ/ 939م، وهو مسيحي أيضًا كانت له عِدَّة مؤلَّفات منها تاريخه المسمَّى (التاريخ المجموع على التحقيق والتصديق)[51].
3- في الحياة الأدبية واللغوية:
كان أحمد بن طولون وابنه خمارويه يقرِّبان الشعراء ويبالغان في الإغداق عليهم، ومما يدل على كثرة الشعراء في مصر الطولونية ما رواه المقريزي عن القاضي أبي عمرو عثمان النابلسي في كتابه (حسن السيرة في اتخاذ الحصن بالجزيرة)؛ إذ قال: "رأيت كتابًا قَدْر اثنتي عشرة كراسة، كم يكون شعرهم مع أنه لم يوجد من ذلك الآن ديوان واحد"[52].
ومن الكُتَّاب الذين ظهروا في عهد الطولونيين جعفر بن عبد الغفار المصري، الذي اتخذه أحمد بن طولون كاتبًا له، ولم يكن لدى هذا الكاتب الكفاية والمقدرة بحيث يستطيع القيام بأعباء هذا المنصب، فأشار أحمد بن خاقان صديق أحمد بن طولون عليه بعزله، ولكنه رفض قائلاً: "أنا أحتمله لأنه مصري". فقال له ابن خاقان: "أراك أيها الأمير تفضِّل الكاتب المصري على الكاتب البغدادي". فقال له ابن طولون: "لا والله، ولكن أصلح الأشياء لمن يملك بلدًا أن يكون كاتبه منه"[53].
ووضح ازدهار الدراسات اللغوية في العصر الطولوني على يد الوليد بن محمد التميمي المعروف بولاّد، كذلك أنجبت المدرسة اللغوية أحمد بن جعفر الدينوري صاحب كتاب (المهذَّب في النحو)، وأبا جعفر النحاس صاحب كتاب (معاني القرآن ومنسوخه)، ومحمد بن حسان النحوي[54].
4- المؤرِّخون:
ظهر في مصر في العصر الطولوني بعض الكتّاب الذين اهتموا بتدوين التاريخ والخطط، ومن أشهرهم عبد الرحمن بن عبد الحكم القرشي المتوفَّى سنة 257هـ/ 871م، الذي يَمُتُّ إلى عصر الولاة أكثر مما يمتُّ للطولونيين، وكان من أهل الرواية والحديث، ثم شُغِفَ بالقصص والأخبار، وكَلِف بالتاريخ، ومن مؤلَّفاته كتاب (فتوح مصر)، ويُعَدُّ ابن عبد الحكم أول مؤرِّخ لخطط مصر الإسلامية[55].
ومن أشهر مؤرِّخي مصر في العصر الطولوني أبو جعفر أحمد بن يوسف المعروف بابن الداية، وقد ألَّف كتابًا في (سيرة أحمد بن طولون)، وكتابًا آخر في سيرة خمارويه، ويقول ابن زولاق: "وكان أبو جعفر أحمد بن يوسف الكاتب قد عمل سيرة أحمد بن طولون أمير مصر، وسيرة ابنه أبي الجيش، وأنشد في الناس، وقرأتهما عليه، وحدثتُ بهما عنه، مع غيرهما من مصنَّفاته، ثم عملتُ أنا ما فاته من سيرتهما"[56].
ويتضح من كلام ابن زولاق أن ابن الداية كانت له كتب أخرى في التاريخ، وقد أشارت المراجع الأخرى التي ترجمت له إلى هذه الكتب وهي كتاب (أخبار غلمان بني طولون)، وكتاب (حُسْن العقبى)، وكتاب (أخبار الأطباء)، وكتاب (المكافأة)[57].
وكذلك من أشهر مؤرخي الدولة الطولونية أبو محمد عبد الله بن محمد المديني المعروف بالبلويّ، ولا نعرف تاريخ مولده أو وفاته، ولكننا نعرف أنه ينتمي إلى قبيلة بَلِيّ العربية، وأنه عاش في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي)، وكان ابن النديم أول من ترجم له في كتابه (الفهرست)، فذكر أنه كان عالمًا وفقيهًا وواعظًا، وأنه ألَّف كتبًا كثيرة منها: كتاب الأبواب، وكتاب المعرفة، وكتاب الدين وفرائضه
</H1>
الإثنين ديسمبر 30, 2013 11:55 am من طرف roory
» الربيع العربي
الجمعة مارس 16, 2012 6:04 am من طرف سيد محمد عبد الموجود
» تعلم لغة برايل خطوة بخطوة
السبت مارس 03, 2012 12:17 pm من طرف Admin
» لغة برايل فى 4 ورقات
السبت مارس 03, 2012 11:53 am من طرف Admin
» طيف الحبيبة
السبت مارس 03, 2012 11:34 am من طرف Admin
» اختيار صديق لابن المقفع
السبت فبراير 04, 2012 8:29 pm من طرف سيد محمد عبد الموجود
» في عيد الثورة المصرية
السبت فبراير 04, 2012 7:38 pm من طرف سيد محمد عبد الموجود
» الفصل السادس عشر " فرحة اللقاء "
السبت يناير 21, 2012 12:34 am من طرف ناصر المتولى
» أمير الشعر
الجمعة يناير 20, 2012 5:37 pm من طرف ناصر المتولى