[size=21]علامة الإيمان
41 - عن أبي محمد عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يؤمن أحدكم حتى يكون هواه تبعا لما جئت به" حديث حسن صحيح، رويناه في كتاب الحجة بإسناد صحيح.
..................................................
هذا الحديث كقوله سبحانه وتعالى: {فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ} 1. وسبب نزولها: "أن الزبير رضي الله عنه كان بينه وبين رجل من الأنصار خصومة في ماء فتحاكما إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: اسق يا زبير وسرح الماء إلى جارك، يحضه بذلك على المسامحة والتيسير فقال الأنصاري: أن كان ابن عمتك، فتلون وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال: "يا زبير احبس الماء حتى يبلغ الجدر ثم سرحه" 2 وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان أشار على الزبير بما فيه مصلحة الأنصاري فلما أحفظه الأنصاري، بما قال أي أغضبه استوعب للزبير حقه الذي يجب له فنزلت هذه الآية.
ـــــــ
1 سورة النساء: الآية 65.
2 رواه البخاري في المساقاة باب سكر الأنهار رقم 2359 – 2360.
(1/135)
وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم في حديث آخر أنه قال: "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين" 1 قال أبو الزناد: هذا من جوامع الكلم: لأنه قد جمعت هذه الألفاظ اليسيرة معاني كثيرة لأن أقسام المحبة ثلاثة: محبة إجلال وعظمة كمحبة الوالد ومحبة شفقة ورحمة كمحبة الولد ومحبة استحسان ومشاكلة كمحبة سائر الناس فحصر أصناف المحبة.
قال ابن بطال: ومعنى الحديث والله أعلم أن من استكمل الإيمان علم أن حق رسول الله صلى الله عليه وسلم وفضله آكد عليه من حق أبيه وابنه والناس أجمعين لأن بالرسول صلى الله عليه وسلم استنقذه الله عز وجل من النار، وهداه من الضلال.
والمراد بالحديث: بذل النفس دونه صلى الله عليه وسلم وقد كانت الصحابة رضي الله عنهم يقاتلون معه آباءهم وأبناءهم وإخوانهم، وقد قتل أبو عبيدة أباه لإيذائه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتعرض أبو بكر رضي الله عنه يوم بدر لولده عبد الرحمن لعله يتمكن منه فيقتله. فمن وجد هذا منه فقد صح أن هواه تبع لما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم.
ـــــــ
1 رواه البخاري في الإيمان باب حب الرسول صلى الله عليه وسلم من الإيمان رقم 15.
(1/136)
سعة مغفرة الله تعالى
...
سعة مغفرة الله تعالى
42 - عن أنس رضي الله عنه قال، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قال الله تعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك ولا أبالي. يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك. يا ابن آدم لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" رواه الترمذي وقال: حديث حسن صحيح.
................................................
في هذا الحديث بشارة عظيمة وحلم وكرم عظيم وما لا يحصى من أنواع الفضل والإحسان والرأفة والرحمة والامتنان، ومثل هذا قوله صلى الله عليه وسلم: "لله أفرح بتوبة عبده من أحد كم بضالته لو وجدها" 1.
وعن أبي أيوب رضي الله عنه لما حضرته الوفاة قال: كنت قد كتمت عنكم شيئاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم سمعته يقول: "لو لا أنكم تذنبون لخلق الله خلقا يذنبون فيغفر لهم" 2. وقد جاءت أحاديث كثيرة موافقة لهذا الحديث.
ـــــــ
1 رواه مسلم في التوبة باب الحض على التوبة رقم 2675.
2 رواه مسلم في التوبة باب سقوط الذنوب رقم 2748.
(1/137)
قوله: "يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني" هذا موافق لقوله: "أنا عند ظن عبدي بي فليظن بي ما شاء" 1 وقد جاء "أن العبد إذا أذنب ثم ندم فقال: أي ربي أذنبت ذنباً فاغفر لي ولا يغفر الذنوب إلا أنت قال: فيقول الله تعالى: علم عبدي أن له رباً يغفر الذنب ويأخذ به أشهدكم أني قد غفرت له ثم يفعل ذلك ثانية وثالثة فيقول الله عز وجل في كل مرة مثل ذلك ثم يقول: اعمل ما شئت فقد غفرت لك" 2. يعني لما أذنبت واستغفرت.
واعلم أن للتوبة ثلاثة شروط: الإقلاع عن المعصية، والندم على ما فات، والعزم على أن لا يعود، وإن كانت حق آدمي فليبادر بأداء الحق إليه والتحلل منه، وإن كانت بينه وبين الله تعالى وفيها كفارة فلا بد من فعل الكفارة وهذا شرط رابع فلو فعل الإنسان مثل هذا في اليوم مراراً وتاب التوبة بشروطها فإن الله يغفر له.
قوله: "على ما كان منك" أي من تكرار معصيتك، "ولا أبالي": أي ولا أبالي بذنوبك.
قوله: "يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء ثم استغفرتني غفرت لك" أي لو كانت أشخاصاً تملأ ما بين السماء والأرض وهذا نهاية الكثرة ولكن كرمه وحلمه سبحانه وعفوه أكثر وأعظم وليس بينهما مناسبة ولا التفضيل له هنا مدخل فتتلاشى ذنوب العالم عند حلمه وعفوه.
ـــــــ
1 رواه البخاري في التوحيد باب قول الله تعالى: {وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ}. رقم 7405.
2 رواه البخاري في التوحيد باب قول الله تعالى: {يُرِيدُونَ أَنْ يُبَدِّلُوا كَلامَ اللَّهِ}. رقم 7507. بلفظ مختلف.
(1/138)
قوله: "يا ابن آدم إنك لو أتيتني بقراب الأرض خطايا ثم لقيتني لا تشرك بي شيئا لأتيتك بقرابها مغفرة" أي أتيتني بما يقارب مثل الأرض.
قوله: "ثم لقيتني" أي مت على الإيمان لا تشرك بي شيئا ولا راحة للمؤمن دون لقاء ربه وقد قال الله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} 1. وقد قال صلى الله عليه وسلم: "ما أصر من استغفر وإن عاد في اليوم سبعين مرة" 2. وقال أبو هريرة رضي الله عنه: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسن الظن بالله من حسن عبادة الله" 3.
ـــــــ
1 سورة النساء: الآية 48.
2 رواه أبو داود في الصلاة باب الاستغفار رقم 1514. وأخرجه الترمذي أيضاً رقم 3554 وقال: حديث غريب إنما نعرفه من حديث أبي نُصيرة وليس إسناده بالقوي.
3 رواه أبو داود في الأدب باب حسن الظن رقم 4993 ولفظه: "حسن الظن من حسن العبادة".
[/size]
الإثنين ديسمبر 30, 2013 11:55 am من طرف roory
» الربيع العربي
الجمعة مارس 16, 2012 6:04 am من طرف سيد محمد عبد الموجود
» تعلم لغة برايل خطوة بخطوة
السبت مارس 03, 2012 12:17 pm من طرف Admin
» لغة برايل فى 4 ورقات
السبت مارس 03, 2012 11:53 am من طرف Admin
» طيف الحبيبة
السبت مارس 03, 2012 11:34 am من طرف Admin
» اختيار صديق لابن المقفع
السبت فبراير 04, 2012 8:29 pm من طرف سيد محمد عبد الموجود
» في عيد الثورة المصرية
السبت فبراير 04, 2012 7:38 pm من طرف سيد محمد عبد الموجود
» الفصل السادس عشر " فرحة اللقاء "
السبت يناير 21, 2012 12:34 am من طرف ناصر المتولى
» أمير الشعر
الجمعة يناير 20, 2012 5:37 pm من طرف ناصر المتولى