النص :
" واستأنَفتْ سيرَها على الجانبِ الآخَرِ ، وقبلَ أن تختفي شاهَدْتُها تتوقَّفُ ولا تتحرَّكُ. وكادَتْ عربةٌ تدْهَمُنِى وأنَا أُسْرِعُ لإنقاذِها. وحينَ وصلْتُ كانَ كلُّ شيء علَى ما يُرامُ و الحوض و الصينية على أتم اعتدال ... أمَّا هيَ فكانَتْ واقِفَةً في ثباتٍ تتفَرَّجُ ووَجْهُها المُنكمِشُ الأسمَرُ يتابعُ كرَةً منَ المَطَّاطِ يتقاذَفُها أطفالٌ في مثلِ حَجْمِها ، وأكبَرَ منها ، وهُمْ يُهَلِّلونَ ويَصْرُخونَ ويَضْحَكُونَ ، ولَمْ تلحَظْنِي ، ولم تتوقَّفْ كثيرًا ، فمِنْ جديدٍ راحَتْ مخالِبُها الدقيقةُ تمضِي بها ، وقبلَ أن تنحرفَ استدارَتْ على مَهَلٍ ، واستدارَ الحِمْلُ معَها ، وألقَتْ على الكُرَةِ والأطفالِ نظْرَةً طويلةً ، ثمَّ ابتَلَعَتْها الحارَّةُ " .
" واستأنَفتْ سيرَها على الجانبِ الآخَرِ ، وقبلَ أن تختفي شاهَدْتُها تتوقَّفُ ولا تتحرَّكُ. وكادَتْ عربةٌ تدْهَمُنِى وأنَا أُسْرِعُ لإنقاذِها. وحينَ وصلْتُ كانَ كلُّ شيء علَى ما يُرامُ و الحوض و الصينية على أتم اعتدال ... أمَّا هيَ فكانَتْ واقِفَةً في ثباتٍ تتفَرَّجُ ووَجْهُها المُنكمِشُ الأسمَرُ يتابعُ كرَةً منَ المَطَّاطِ يتقاذَفُها أطفالٌ في مثلِ حَجْمِها ، وأكبَرَ منها ، وهُمْ يُهَلِّلونَ ويَصْرُخونَ ويَضْحَكُونَ ، ولَمْ تلحَظْنِي ، ولم تتوقَّفْ كثيرًا ، فمِنْ جديدٍ راحَتْ مخالِبُها الدقيقةُ تمضِي بها ، وقبلَ أن تنحرفَ استدارَتْ على مَهَلٍ ، واستدارَ الحِمْلُ معَها ، وألقَتْ على الكُرَةِ والأطفالِ نظْرَةً طويلةً ، ثمَّ ابتَلَعَتْها الحارَّةُ " .
اللغويـات :
{ استأنفت : بدأت
- تدهمنى : تفاجئني ، والمقصود : تصطدم بي
- يرام : يطلب
- تتفرّج : تشاهد
- المنكمش : أي المنقبض النحيل
- يهلّلون : المراد يصيحون
- لم تلاحظني : لم ترني
- راحت : ذهبت
- مخالبها الدقيقة : أي أصابع قدميها الصّغيرة
- تنحرف : تميل إلى الحارة
- استدارت : دارت
- ابتلعتها الحارة : أي أخفتها .
الشرح :
س1 : لماذا توقفت الطفلة ؟ ولماذا ألقت نظرة طويلة على الأطفال ؟
جـ : توقفت الطفلة لتشاهد أطفالا - في مثل سنها - يلعبون بالكرة في سعادة .
- وألقت نظرة طويلة على الأطفال وهم يلعبون بالكرة إعجاباً بهم و أملاً (أشبه بالحلم) أن تلعب وتسعد مثلهم .
س2 : إن الأطفال حفاة مثل الطفلة ولكن الفارق كبير بينها وبينهم . وضح .
جـ : بالفعل الفارق كبير بينها وبينهم فهذه الطفلة تسير حافية القدمين رغمًا عنها ، لكن هؤلاء الأطفال قد خلعوا أحذيتهم بإرادتهم ليلعبوا ويستمتعوا بالحياة .
س3 : على الرغم من معاناة الطفلة وفقرها ، هل جردها الكاتب من الحلم والأمل ?
جـ : كلا فقد جعلها تعيش في الحلم والأمل إذ وقفت تشاهد الكرة ، وهذه هي اللحظة الوحيدة السعيدة في حياتها فهي تحلم بأن " تتفرج" وتلعب ، وهو حلم نابع من واقعها المأساوي الذي جعلها تعمل في وقت كان يجب فيه أن تلعب وتلهو وتستمتع بطفولتها مثل أقرانها من الأطفال .
التذوق :
{ [كادت عربة تدهمنى وأنا أسرع لإنقاذها] : كناية عن عدم انتباهه لما حوله نتيجة لاستغراقه في مراقبتها خوفاً عليها .
{ [كان كل شيء على ما يرام] : كناية عن اعتدال الحمل على رأسها .
{ [أطفال في مثل حجمها] : تشبيه فيه توضيح وإيحاء بالمفارقة بين حالها (الحرمان)وحالهم(الاستمتاع).
{ [هم يهللون ويصرخون ويضحكون] : كناية عن السعادة والاندماج في اللعب .
{ [مخالبها] : استعارة مكنية ، تصورها بصورة كتكوت له مخالب .
{ [ابتلعتها الحارة] : استعارة مكنية ، تصور الحارة حيوانا ضخما يبتلعها ، وسر جمالها التوضيح ، وتوحي باختفائها.
{ [سيرها - تتوقف ، واقفة - يتابع ، تتوقف - تمضى] : محسن بديعي / طباق ، يبرز المعنى ويوضحه بالتضاد .
{ في هذه الفقرة أيضاً رسم الكاتب لوحة واقعية جديدة للطفلة. وهي تشاهد الكرة وتلقى نظرة على الأطفال وهم يلعبون قبل أن تختفي. خطوطها الفنية:
1 - حركة تحسها في : (استأنفت سيرها - شاهدتها - تتوقف - تدهمنى - أسرع - وصلت - يتقاذفها تمضى - تنحرف - استدارت - ابتلعتها) .
2 - صوت تسمعه في (يهللون - يصرخون - يضحكون) .
3 - لون تراه في(الحوض والصينية - وجهها الأسمر) .
التعليق :
س1 : هل تحققت مقومات القصة القصيرة في قصة {نظرة} ؟ ناقش ووضح .
جـ : نعم ، فقد تحققت فيها:
(أ) - مبدأ الوحدة ممثلاً في :
1 - وحدة {الموقف} الذي هو الأساس في بناء القصة القصيرة ؛ إذ اختار لها العنوان كلمة واحدة هي "نظرة" التي تدل على نظرة الخادمة الطفلة إلى الأطفال الذين هم في مثل سنها يمرحون ويضحكون .
2 - وتحققت وحدة {الانطباع} التي يريدها الكاتب ؛ فقد كشف العنوان عن نظرة الكاتب إلى الطفلة من ناحية ، وإلى الواقع الاجتماعي من ناحية أخرى ، وهو يستهدف التلميح إلى قضايا هذه الطبقة المطحونة .
3 - وتحققت وحدة {الشخصية} ؛ فليس فيها إلا شخصية الخادمة الطفلة ، أما الكاتب فيقوم بدور الراوي للأحداث .
4 - وتحققت فيها وحدة {الفكرة} ، وهي المعاناة التي تعانيها الطفلة ، وما يجب أن نفعله نحوها .
جـ : نعم ، فقد تحققت فيها:
(أ) - مبدأ الوحدة ممثلاً في :
1 - وحدة {الموقف} الذي هو الأساس في بناء القصة القصيرة ؛ إذ اختار لها العنوان كلمة واحدة هي "نظرة" التي تدل على نظرة الخادمة الطفلة إلى الأطفال الذين هم في مثل سنها يمرحون ويضحكون .
2 - وتحققت وحدة {الانطباع} التي يريدها الكاتب ؛ فقد كشف العنوان عن نظرة الكاتب إلى الطفلة من ناحية ، وإلى الواقع الاجتماعي من ناحية أخرى ، وهو يستهدف التلميح إلى قضايا هذه الطبقة المطحونة .
3 - وتحققت وحدة {الشخصية} ؛ فليس فيها إلا شخصية الخادمة الطفلة ، أما الكاتب فيقوم بدور الراوي للأحداث .
4 - وتحققت فيها وحدة {الفكرة} ، وهي المعاناة التي تعانيها الطفلة ، وما يجب أن نفعله نحوها .
(ب) - مبدأ التكثيف والتركيز :
فلقد تحقق فيها التكثيف والتركيز والاقتصاد في الوصف ، وعدم الثرثرة السرد ؛ حيث نرى الكاتب قد عبر عن معاناة الطفلة بكلمة واحدة هي : " ستي " ، ولم يتحدث عن تاريخ حياتها و لا نشأتها ولا حتى عن يوم كامل في حياتها .
فلقد تحقق فيها التكثيف والتركيز والاقتصاد في الوصف ، وعدم الثرثرة السرد ؛ حيث نرى الكاتب قد عبر عن معاناة الطفلة بكلمة واحدة هي : " ستي " ، ولم يتحدث عن تاريخ حياتها و لا نشأتها ولا حتى عن يوم كامل في حياتها .
(جـ) - مبدأ تفاصيل الإنشاء :
فلقد ترابطت القصة و احكم بناؤها واتضح عنصر التشويق في الحركة النامية المتطورة مع حركة الطفلة التلقائية .
فلقد ترابطت القصة و احكم بناؤها واتضح عنصر التشويق في الحركة النامية المتطورة مع حركة الطفلة التلقائية .
س2 : ما رأيك في أسلوب قصة نظرة من منطلق الأسلوب الواجب اتباعه في القصة القصيرة ؟
جـ : أسلوبها هو الواجب اتباعه في القصة القصيرة ؛ ففيه بساطة وإيحاء وتكثيف وتركيز واقتصاد في الوصف ، وعدم الثرثرة ، والاستمرار في السرد ، تلمس ذلك في العنوان " نظرة " ، وفي كلمة " ستي " للدلالة على القهر والظلم ، وفي التركيز على القدمين العاريتين كمسمارين رفيعين.. والحوار هنا صامت غير منطوق ، ولكنه بالغ القوة والدلالة ، وربما يكون الكاتب قد أجرى حذفا وتبديلا وانتقاء حتى خلص (انتهى) إلى هذه الكلمات المحددة التي صاغ منها قصته في هذه المساحة الصغيرة ، تاركا الحوار الظاهر إلى الحوار المفهوم من المواقف المكثفة .
س3 : كيف ارتبط عنوان القصة " نظرة " بالجو العام الذي تضفيه القصة ؟
جـ : هذه القصة (نظرة) واقعية ، ويهدف كاتبها إلي لفت الأنظار إلي تلك الطبقة المطحونة المحرومة ، وقد اختار للعنوان كلمة (نظرة) ، وهي كلمة واحدة للدلالة على (نظرة) الطفلة لهؤلاء الأطفال وهم يلعبون بالكرة ، وأن أملها في الحياة أن تسعد مثلهم بلحظات من اللعب والسعادة ، والعنوان يدل أيضا على (نظرة) الكاتب إلى الطفلة من جهة ، وإلى واقعها الاجتماعي البائس من جهة أخرى ، وهو يلمح بذلك إلى قضايا هذه الطبقة المطحونة ، وهذه الطفلة تسير حافية القدمين رغما عنها ، عكس هؤلاء الأطفال الذين قد خلعوا أحذيتهم أثناء اللعب بإرادتهم .
س4 : شخصية الراوي في القصة من شأنها أن تطغى على بناء القصة .. فهل فعلت ذلك في قصة "نظرة "؟
جـ : الكاتب لم يجعل الراوي محوريا يستقطب الحركة ، ولم يتحدث بلسانه معلقا على الحدث أو معلنا رأيا ؛ ولذلك فهو لا يطغى على بناء القصة . والشخصية المحورية هنا هي الطفلة ، والراوي انعكاس وظل لها .
ملامح شخصية الكاتب :
دقة الملاحظة - والنزعة الإنسانية - وحب الإصلاح - وسعة الثقافة - والقدرة على التعبير بشجاعة.
الخصائص الفنية لأسلوبه :
1 - السهولة والوضوح
2 - الإيجاز والتركيز
3 - التحرر من قيود الصنعة.
4 - البراعة في رسم اللوحات الكلية
5 - القدرة على تسلسل الأحداث وترابطها.
تدريبات :
س1 : بم وصف الكاتب الطفلة وهي تعبر الشارع ؟ وما رأيك ؟
س2 : ما نوع الخيال في (ابتلعتها الحارة) ، وسر جماله ؟
- نبحث في المعجم عن " طال " في : (طول - طيل - طلى)
- مذكر "الحيرى" : (الحائر- الحيران - المحتار)
- مصدر : أحوّل " (حول - حوالة - تحويل) .
- بين " يميل - وأعدل " من المحسنات : (سجع - جناس - طباق) .
- "المهلهل" من المشتقات : (اسم فاعل - اسم مفعول - اسم مكان) .
- وصف الشارع بالعريض المزدحم يدل على : (صعوبة عبوره - جماله - كثرة المحلات فيه)
- مخالبها : صورة نوعها : (تشبيه - استعارة - كناية) .
الإثنين ديسمبر 30, 2013 11:55 am من طرف roory
» الربيع العربي
الجمعة مارس 16, 2012 6:04 am من طرف سيد محمد عبد الموجود
» تعلم لغة برايل خطوة بخطوة
السبت مارس 03, 2012 12:17 pm من طرف Admin
» لغة برايل فى 4 ورقات
السبت مارس 03, 2012 11:53 am من طرف Admin
» طيف الحبيبة
السبت مارس 03, 2012 11:34 am من طرف Admin
» اختيار صديق لابن المقفع
السبت فبراير 04, 2012 8:29 pm من طرف سيد محمد عبد الموجود
» في عيد الثورة المصرية
السبت فبراير 04, 2012 7:38 pm من طرف سيد محمد عبد الموجود
» الفصل السادس عشر " فرحة اللقاء "
السبت يناير 21, 2012 12:34 am من طرف ناصر المتولى
» أمير الشعر
الجمعة يناير 20, 2012 5:37 pm من طرف ناصر المتولى